(6) "غياب المعرفة" و"الغموض" (Uncertainty vs Ambiguity)

* * تستند هذه الترجمات إلى مقالات الباحث بول كيرني Paul Cairney، وتُقدم ترجمة عربية بقلم كل من أحمد محسن  ومروة جراد مع مراجعة نهائية من قِبل  محمد أحمد البكري. 

ثَمَّ فرقٌ كبيرٌ بين مفهومَي "غياب المعرفة" و"الغموض" في دراسات السياسات العامَّة. 

  • أمَّا "غياب المعرفة"؛ فيصف حالة وجود افتقار في المعرفة أو انعدام ثقة يجعل الفرد غير مطمئنّ لمعرفته.

  • وأمَّا "الغموض"؛ فيصف حالة الاستعداد لتقبُّل وجود أكثر من تفسير لوصف نفس المشكلة السياساتية.

يتصل كلا المفهومين بمفهوم "العقلانية المحدودة" (Bounded Rationality)؛ إذ إنَّ صُنَّاع السياسات غير قادرين على معالجة جميع المعلومات التي تتصل بمشاكل السياسات. وبدلًا من ذلك، يستخدمون نوعين من الطرق المختصرة:

1. "العقلانية" (Rational): من خلال متابعة أهداف واضحة وإعطاء الأولوية لمصادر مُحدَّدة للمعلومات.

2. "غير العقلانية" (Irrational): من خلال اللعب على وتر العواطف والمشاعر الغريزية والمعتقدات الراسخة والعادات.

أعمل في هذا المقال على إجراء تمييز ثنائي مُصطنَع بين "غياب المعرفة" في مقابل "الغموض"، مع ربطهما بمقارنة ثنائية أخرى هي "العقلانية" في مقابل "غير العقلانية"؛ لأشير إلى مخاطر التركيز المُفرِط على جانب واحد من عملية صنع السياسات.

1. يسعى صانعو السياسات إلى معالجة "غياب المعرفة" إمَّا من خلال توليد مزيد من المعلومات وإمَّا عن طريق لفت الانتباه بشكل أكبر إلى المعلومات المتاحة.

يمكن للجهات الفاعلة حلُّ مشكلة "غياب المعرفة" من خلال:

(أ‌) تحسين جودة الأدلَّة. و(ب‌) التأكُّد من عدم وجود فجوات كبيرة بين الطلب المتزايد على الأدلَّة وبين المتاح منها بالفعل.

تتضمَّن المناقشات التي ترتبط بهذا الموضوع: نقاش "ما الذي يمكن اعتباره أدلَّة جيدة؟" الذي يركز على المعايير اللازمة لتحديد الأدلة العلمية وعلاقة هذه الأدلَّة بالأشكال الأخرى للمعرفة (مثل الخبرة المُتولِّدة من الممارسة، والتغذية الراجعة من مستخدمي الخدمات)، بالإضافة إلى نقاش "ما العوائق بين العرض والطلب؟ الذي يُركِّز على الحاجة إلى وسائل أفضل للتواصل.

2) يسعى صانعو السياسات إلى معالجة "الغموض" من خلال التركيز على تفسير واحد لمشكلة سياساتية على حساب تفسير آخر.

يحاول الفاعلون حلَّ الغموض من خلال استخدامهم القوة لزيادة الاهتمام والدعم تجاه تفسيرهم المفضَّل للمشكلة السياساتية. وقد تطرَّقنا إلى العديد من الأمثلة على هذا النشاط في سلسلتَي 500 و1000 كلمة؛ منها على سبيل المثال:

يخلق التركيز على الحد من "غياب المعرفة" انطباعًا بأنَّ صُنع السياسات العامَّة عبارة عن عملية فنية تحتاج إلى إنتاج أفضل الأدلَّة العلمية وتقديم هذه الأدلَّة إلى الجهات المناسبة في الوقت المناسب. وعلى النقيض من ذلك، فإنَّ التركيز على الحد من "الغموض" يخلق انطباعًا بأنَّ العملية سياسية وأكثر تعقيدًا ممَّا تبدو عليه، يستخدم فيها الفاعلون القوة من أجل التنافس على جذب الاهتمام والهيمنة على أجندة السياسات. ولا تزال حالة "غياب المعرفة" مهمَّة، خاصَّةً لوصف طبيعة دور نظام صنع السياسات المعقَّد حيث لا يستطيع أيُّ فاعل فيه فهم مكانه الحقيقي أو الكيفية التى يمكنه من خلالها استخدام القوة من أجل تحقيق أقصى درجات النجاح.

بواسطة مروة جراد

مروة جراد هي باحثة ومترجمة  تمتلك خبرة  في مجالات الترجمة واللغويات والمعجمية العربية.

حصلت مروة على:

  • بكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة باجي مختار - عنابة.
  • ماستر في الترجمة (عربي-انجليزي-عربي) من جامعة باجي مختار - عنابة.
  • ماستر في اللسانيات والمعجمية العربية من معهد الدوحة للدراسات العليا.

    عملت جراد على ترجمة العديد من النصوص المتنوعة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية والعكس.

0 تعليقات

نشر تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني